أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - مريم نجمه - الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد - 2















المزيد.....



الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد - 2


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 1434 - 2006 / 1 / 18 - 10:21
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .


الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .



* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع



























































































































































































































































































































































































































































































































































































































الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .



* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع































































































































































































































































































































































































































































































































































































































الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .



* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع






























































































































































































































































































































































































































































































































































































































الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .



* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع





























































































































































































































































































































































































































































































































































































































































* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع
































































































































































































































































































































































































































































































































































































































الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .



* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع
































































































































































































































































































































































































































































































































































































































الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد – 2
للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات عديدة ومتنوّعة على الفرد .. أهمها :
الروحيّة .. والفكريّة .. والإجتماعيّة -
وكذلك لها نتائج كارثيّة .. قريبة .. وبعيدة على الوطن الأم .. وعلى الفرد
ومن ثم العائلة الذي ينتمي إليها .. وخاصة المرأة .



* *

فحرمان الوطن من أيدي عاملة , وطاقات ماهرة , وكوادر مؤهّلة فنيّة , علمية , مهنيّة , إنتاجيّة , إلى جانب هروب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج , مما يؤدّي بالنهاية إلى تأخر عملية التنمية , وخسارة شريحة كبيرة من الشباب صانعة , وأعمدة المستقبل , وحرمان الوطن من عقول نيّرة متعلّمة مثقّفة – علماء وباحثين واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة وغريبة يخسرها الوطن ويخسر الطفرة الديمغرافية في الجيل الحالي , كما حصل ويحصل بنزيف الأدمغة المستمرّ إلى الخارج من بلداننا , وبلدان العالم الثالث عموما .
وهذا بالتالي يؤدّي إلى إفراغ المجتمع من دعائم نهضته وتنميته وتحرّره وتقدّمه .. وتزيد الوضع سوءا على سؤ .. وتصحّرا .. وتدهورا على جميع الأصعدة .. ليبقى المستبدّون وحدهم في السلطة والحكم , لا أحد يسائلهم أو يحاسبهم على جرائمهم وفسادهم , وسيخلق في المستقبل فجوات كبيرة يصعب ردمها , وخسارة وعدم إستقرار سياسي واقتصادي واجتماعي .. وأسري بضم الألف .
في بلادنا السوريّة .. وبقية البلدان العربية الأخرى , كم ساهمت و سبّبت الغربة وما زالت تسبّب حتى اللحظة في تهديم بيوت وأسر وعائلات , ومشاكل وضياع أبناء وزوجات , لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة , أو نهائيا , وأخيرا .. ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها .. وقضاياها . . ؟

ومما يزيد من ألم الغربة هذه .. يختلف من فرد لاّخر , ومن مجموعة لأخرى , حسب ترابطها , وتماسكها , وتضامنها بالخارج , أو تمزّقها وسيطرة الأنانية الفردية أو العنصرية أو الطائفية , أو حبّ الزعامة على أفرادها , حيث أن العمل السياسي بالخارج الرديف للنضال في الداخل ضد أنظمة القمع والإستبداد التي هجّرت الناس من بلدانها , إذا كان النضال جاداّ, ومتصاعدا ومنتجا , هذا يخفّف الكثير الكثير من اّلام الإغتراب .
أما بعض الذين يسمّون أنفسهم معارضة في الخارج , دون أي عمل ونضال جاد , أو حتى بناء علاقات إجتماعيّة إنسانيّة على الأقل فيما بينهم , فإنهم يزيدون الغربة ألما .. ووحشة
ومن هنا نستطيع القول أن مفاعيل أنظمة الإرهاب والقمع والأمن والتفرقة والتفتيت لعقود طويلة في بلادنا , والتي حطّمت المجتمع المدني ليس في الداخل فقط .. بل امتدّت مخالب الطغيان إلى الخارج أيضا .. !

الطريق طويل .. ومرير أمام الشعوب للنهوض والنضال , وتصحيح الأخطاء عبر المسيرة حتى بلوغ النصر والحرية

فإذا عرّجنا على التأثيرات الروحيّة للإغتراب على الفرد فهي سلبية على العموم بالتأكيد .. ويتفاوت التجاوب السريع , أو الرفض وعدم التكيّف بالنسبة لعمر المغترب اللاجئ – الطفل , الشاب , الأعزب ,أو المتزوّج , الشيخ أو المتقدّم بالعمر ..
فالإغتراب يحفر جرحا عميقا ممّيزا في نفس الفرد المغرّب , وبعض الاّخر وشما لا يمحى .. , فإذا لم يسيطر عليها المرء ويتمالك أعصابه , ويستنفر قدراته وعقله ومبادئه وأخلاقه وخلفيّاته الفكرية والتربوية , ويحوّل إتجاهها من السلب للإيجاب نوعا ما بقدر الإمكان – وهذا يعود لوعي وثقافة وقوّة شخصية هذا المغترب , أو ذاك . ..
بأن يستفيد من المجتمع الجديد الذي غرس فيه وتواجد بين ظهرانيه بما فيه من خدمات للإنسان ومجالات واسعة للتقدّم والعمل والدراسة , لتثبيت ذاته , والإندماج بالتدريج في المجتمع بشكل مدروس وعقلاني , حتى لا يمحيه كدخيل , وأجنبي , أو يضيّعه .. أو يطحنه تحت عجلات التمدّن والمظاهر , أو ظواهر العصر الجديدة السلبية , أو البرجوازية الخادعة المؤقتة ويقع تحت سموم التدخين والكحول والحشيش .. أو التسكّع في الشوارع أو غير ذلك ..

إذا .. هنا كما قلت سابقا , تلعب شخصية المهجّر أو اللاجئ المغترب دورا رئيسيا .. حتى لايبقى كذلك أسير عدم الإستقرار النفسي , يأكله التمزّق والإحتراق , والإكتئاب , أو القلق والأرق واليأس , أو التشاؤم والبكاء في كل زوايا البيت .. والشارع .. والسرير .. للحنين والشوق لأرض الوطن والأهل .. للجماعة والأصدقاء والجيران .. للحارة والطفولة .. والأقران والمدرسة ,,, الخ ....
فالحالة النفسية , والوجدانية والموقف من الحياة في الغربة ومكوّناتها من قبل الذات المفردة في جميع الأحوال يبقى مكسورا ..
وحينما ينكسر المرء , وتحدث عملية القطع أو الشرخ في كل النواحي التي كانت تحيط به وتدخل في تكوين شخصيته ونموها طبيعيا – فهذا تعبير مكثّف وقاس عن حالة الإغتراب والقلق الدائم .. هذا كان سيبقى مستمرّا و مسيطرا .. لولا وردة الأمل التي يقطفها مع الشمس المتجدّدة كل يوم مع وهج الحبّ ... والحرية .. والثقة بمستقبل الشعوب .

هنا في الحقيقة .. في بلاد الإغتراب .. تواجه المغترب ( اللاجئ ) مشكلة مؤلمة وصعبة ومقلقة جدا , وهي سرعة حصوله على إقامة , أو تأخيره لعدّة سنوات , لعدم قبوله , وخاصة إذا عرفت الجهات المختصّة أن اللاجئ قد مكث في بلد أوربي اّخر قبل مجيئه للبلد الجديد – إنه وضع نفسي أليم جدا يشكّل له عدم الإستقرار .. حتى حصوله على إقامة جديدة ودائمة
فالدول الأوربية والغربية عامة , أصبحت تعدّ من الواحد إلى المئة قبل منح اللجؤ والإقامة لشخص ما , وهنا الكارثة –
خصوصا بعد عمليّات 11 أيلول وبعدها , بينما كان الوضع قبل عشر سنوات مضت جدا ميسّر وسهل .
لذلك يعيش المغترب بخوف وقلق من المجهول الذي يحمله المستقبل , لأنه من الممكن في أي لحظة يطلب منه مغادرة البلد , لعدم قبوله وتسكير ملفّه , بعدما ذهبت 4 – 6 سنوات من عمره ضياعا , وخاصة إذا كان شابا .. وهنا الطامة الكبرى ... !

هنا ... قبل الإنتقال للاّثار العاطفية والروحية .. التي يعاني ويعيش بها المرء في الغربة – لابد لي من ذكر بعض النواحي الإيجابية للإغتراب –
في مقدّمتها .. الإطّلاع على مجتمعات جديدة في نظامها الإقتصادي والإجتماعي .. والسياسي ووووالقوانين , العادات , التقاليد , اللغة والثقافة التي هي الوسيلة الأرقى والضروريّة لمعرفة الاّخر .. والإندماج والتواصل معه ومع الجماعة الجديدة – لأنك أنت تحتضن عالمين مختلفين بكل ما يحمل العالم من مفردات طبيعية وإنسانية .

فعلى الفرد أن يتعلّم من المجتمع الجديد الأشياء الإيجابية التي يراها ويكتشفها في كل زاوية , بالملاحظة , ويعيشها كل يوم في كل كلمة .. وصورة .. ومشهد
أهمها وفي الصدارة .. إحترام الإنسان وفي الدرجة الأولى –
عدم الخوف من الحاكم , الشعور بالأمن , والثقة بالنفس , التعلّم من الأنظمة الديمقراطية في الغرب كيف يعامل الإنسان وكيف تحفظ حقوقه , وكيف يؤدّي واجباته طوعا دون إكراه , ومشاركته في الحياة السياسية .. والفكرية ..
إحترام المسنّين , والمقعدين , وأصحاب العاهات الدائمة , دون تمييز في اللون أو العنصر ( ذكر – أنثى ) أو الدين _
لا أحد يسأل الثاني عن دينه - وعدم التدخّل في القضايا الخاصة , إحترام البيئة ( الشجرة , الزهرة , الطير .. )
حريّة الفكر والرأي الاّخر والتعبير عن الرأي في جميع الوسائل الحديثة
الحياة السعيدة للطفولة , التعليم , والرعاية الصحيّة .. منذ الحمل حتى الشيخوخة , التطوّع , والخدمة بالمجّان في كثير من المؤسّسات الإنسانية –
الناحية التعليمية الإلزامية , القرارات الجديدة للّجؤ ( إلزامية تعليم اللغة للبلد المضيف ) لتسهيل الإندماج والتكيّف مع المجتمع الجديد الذي أعطاه الإقامة من ثم .. الجنسيّة - وللتاريخ أسجّل هنا .. أنني قد استفدت كثيرا من تسجيلي لسنتين في هذا المجال في تعلّم اللغة الهولندية والكمبيوتر , وسأكتب عن هذا الموضوع تجربتي في هولندا بشكل مفصّل في بحث اّخر مستقبلا إنشاء الله –

الإنسان في الغربة يملك كل شئ .. ولا يملك شيئا .. هكذا شعوري بعد تجرب ذاتية , وهو أفضل وصف للمغترب اللاجئ –
لا أدري إذا كان هذا التعبير صحيحا وينطبق على الواقع أم لا ... ؟ يبقى وجهة نظر ..

لا بد لي بعد ذلك .. من المرورعلى منافع الألم في الغربة , الألم الذي يفجّر الكبت والضجر والحنين .. والشوق لرائحة تراب الوطن
الألم .. الذي يفجّر الأقلام .. والمواهب .. والخيال .. والإبداعات .. والهوايات المفيدة
لتولد في الليالي الحالكات .. لأن الغور إلى الأعماق يصبح أكثر دفعا .. ودفقا .. للتأمل .. والتفكير
إذا الكتابة في بلاد الإغتراب .. تقاوم الموت
الكتابة تغيّر – تغني الحياة للمغترب , بعدما انقطع عن الحياة .. والكلام والحوار والفعل والحركة والتواصل مع شعبه وبيئته ومجتمعه , وسطه الذي ترعرع واكتسب منه وفيه نمى وتكوّن -
وبهذا .. يكون المغترب قد عبّأ جزءا من الفراغ .. والوقت الضائع من عمره .. ليعطي أي شئ , و ليشعر أنه موجودا .. إنه حي .. ... ... يتبع



#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإغتراب عن الوطن وتأثيراته .. الروحيّة والفكريّة والإجتماعي ...
- اّمال .. وتمنيّات .. لعام 2006
- هولندة محطّة .. تجربة , مواطنة , وتقيم-3
- تحيّة وسلام .. إلى - أم كلثوم العراق - .. الفنّانة فريدة محم ...
- - صلاة والدة -
- شقائق الليل
- إستشهاد جبران تويني .. قربانا لميلاد لبنان الجديد . إلى شهيد ...
- الديمقراطيّة ليست شعارا .. هولندا محطّة , مواطنة .. وتقييم
- نمت على ضفاف ( الحوار المتمدّن ) أشجار باسقة .. وحقول النورو ...
- مقتطفات من أقوال الرئيس ماوتسي تونغ : الديمقراطيّة في المياد ...
- من الرائدات .. الفنّانة فيروز قصيدة لا تنتهي . - 3
- الديمقراطيّة ليست شعارا .. هولندا محطّة , مواطنة , وتقييم
- من سمات المرأة الكرديّة في التراث الأدبي الكردي .. سرفراز عل ...
- بولونيا بين الأمس .. واليوم . تجربة وتحليل
- إلى شاعر الحريّة .. وقدّيس المنافي .. عبد الوهّاب البيّاتي
- سبقني إلى هناك شذاك .. , نبضات الكلمة
- إلى أكتوبر المجيدة .. نشيدنا الأممي
- المرأة والقمع .. في التراث الشعبي , والثقافة الشعبية ,الأمثا ...
- الطغاة ترحل .. وتبقى الشعوب
- من الرائدات .. فدوى طوقان


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - مريم نجمه - الإغتراب عن الوطن وتأثيراته الروحيّة والفكريّة والإجتماعيّة على الفرد - 2